صفحات من تاريخ مصر الوطني.وادي ماجد ومقاومة أهل مطروح للاستعمار البريطاني
بقلم قدوره العجني
بحث مختصر من كتاب ثورة مصر المنسية للمؤلف قدوره العجني. طبعة الهيئة العامة لقصور الثقافة بوزارة الثقافة المصرية ديسمبر 2018م
………….
قامت الحرب العالمية الأولي في أغسطس1914م وتحولت بريطانيا من الحكم المستتر لمصر إلى الحكم العلني والسيطرة الواضحة العلنية. فأعلنت الحماية التامة على مصر. ثم أعلنت خلع الخديوي عباس حلمي الثاني الذي لم تكن تثق فيه بل وتحتقره. وقررت بشكل منفرد وبقرار من المعتمد البريطاني تعيين عمه. حسين كامل خديوي علي مصر بل ومنحته مرتبة سلطان ليكون موازيا للسلطان العثماني. شكلا. ومنذ تلك اللحظة أطلقت يدها في السيطرة على كل أمور مصر كبيرها وصغيرها. فهي من عينت الحكومة برئاسة حسين رشدي وهي من كانت تمرر كل القرارات التي تريدها. ومنها إعلان الحرب علي ألمانيا ثم بلغاريا ثم تركيا باعتبار مصر مستعمرة بريطانية.
وكان الشعب المصري في حالة غليان شديد وأظهر بعض الرفض لهذه القرارات والممارسات. ورفضا للانقلاب الذي أحدثه الانجليز في مصر.ولكن إعلان الأحكام العرفية على البلاد لأول مرة في تاريخها الحديث كما يذكر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي عن ثورة 1919م حيث يقول كان له دخل في إيثار الأمة جانب الصمت والوجوم وكبت الألم في النفوس، وحاولت بريطانيا ممارسة الترغيب في البداية فراحت تعظم شأن الوزراء الداعمين للانجليز وإحاطتهم بمختلف المزايا والمظاهر. واختصاصهم بألقاب ميزتهم عن حملة الرتب والألقاب مثل لقب (أصحاب المعالي) بعد ان كانوا أصحاب السعادة. وتلقيب رئيس الوزراء بــ (صاحب دولة) بعد إن كان صاحب (عطوفة) فهذه الألقاب من مخلفات عهد الحماية، وأفرط السلطان حسين في منح رتب الباشاوية والبكوية لكثير من الأعيان والوجهاء والموظفين لاستقطابهم وضمان ولاءهم فاجتذبت الحكومة بذلك ولاء طبقة الأعيان والمثقفين في مختلف العواصم والمديريات. ولكن هذا لم يجدي شيئا، فاحتجبت بعض الصحف احتجاجا علي إعلان الحماية مثل جريدة الشعب الواسعة الانتشار، وتم اضطهاد الوطنيين مثل الحزب الوطني الذي تم مطاردة رجاله وضبط أوراقه ودفاتره وتشتيت شمل أعضائه وسجن كثير من الوطنيين في سجن الاستئناف وفي معتقلات درب الجماميز وطره وسيدي بشر وسجن الحضرة بالإسكندرية، وجرت مظاهرات طلبة الحقوق و الإضراب عن الدراسة يوم زيارة السلطان حسين لمعهد العلم يوم 18 فبراير 1915م بل جرت محاولات لقتل السلطان حسين مرتين كما يذكر المؤرخ عبد الرحمن الرافعي (في المرجع السابق ص 48)
لم يكن للجيش البريطاني تواجد كبير في مطروح إلا بعض ضباط يمارسون سلطتهم في المعسكرات ومنهم بعض ضباط مخابرات في الأصل مثل هنتر مدير السواحل، وسنو بك في نفس الإدارة، ورويل، وتويدي في مكتب المخابرات في مطروح والمنطقة الحدودية، وكانوا مع جنودهم يمارسون القمع والاضطهاد أسوة بباقي الشعب المصري ولكن بقدر محدود جدا.
ولكن في شهر نوفمبر 1915م تغيرت الأمور كلياً وبدأ توافد القوات البريطانية، وحينها بدأت فعلياً الثورة المصرية في مطروح، وكان الرد الانجليزي جاهزاً من القمع والاستبداد ومصادرة الأموال.
حيث أمرت يوم 24 نوفمبر بمصادرة كل المحلات في مطروح وجردها بحجة أنه سيتم تسديد أثمانها فيما بعد، وأمر أصحاب هذه المحلات بالخروج من مطروح حيث أنها صارت منطقة عسكرية.
يقول الدكتور محمود دياب في كتابه (الكفاح الإسلامي) نقلا عن صالح باشا حرب ص 95
(يقول محمد صالح حرب باشا إنه حدث عقب وصول سيسل سنو بك، وليو رويل، وتويدي مع القوة المنسحبة من السلوم إلى مرسى مطروح أن سنو بك ما لبث حتى حضر لمقابلته بالمكتب وأعطاه سلطات الحاكم العسكري في المرسى وطلب إليه إخلاء العزب من جميع الغرباء والقاطنين بها كالطليان واليونانيين ومن يواليهم وتم الاستيلاء على المتاجر الموجودة بها لحساب الجيش بعد تقدير أثمانها وذلك كله تمهيدا لاتخاذ مرسى مطروح مركزا للعمليات العسكرية المنتظرة)
هل هو فعلا جيش الغزو السنوسي العابر للحدود؟
كل المراجع والمصادر والبلاغات والبيانات العسكرية الإنجليزية تؤكد أن هناك جيش اسمه جيش السنوسي مدعوم من تركيا وألمانيا جاء لغزو مصر في إبّان الحرب العالمية الأولى وفي نوفمبر وديسمبر 1915م تحديداً وما بعدهما وعبر الحدود الغربية المصرية وأن القوات البريطانية وقفت في وجهه ودحرته وأنقذت مصر من هذا الغزو الأثيم ومن هؤلاء الأعداء الذين حاولوا العبث بمقدرات مصر وأمنها. ولولا القوات البريطانية الباسلة لاحتل الجيش السنوسي مصر المغلوبة على أمرها ولحولها إلى ولاية عثمانية أو ألمانية! ويتضح من بلاغاتهم العسكرية أيضا أن الشعب المصري كان مجرد متفرج علي هذه الأحداث بل والمعارك الطاحنة داخل بلاده وفي عمقها شرق الحدود ب 200 كم متر بل وبمسافات أعمق حيث تم احتلال الواحات المصرية بدءا بسيوه وصولا إلى الواحات البحرية والداخلة والفرافرة حتى قرب صعيد مصر وفي المنطقة الساحلية حيث تم احتلال مدن السلوم وبراني والنجيلة وصولا إلى مدينة مرسي مطروح نفسها إضافة إلى كل القرى والنجوع بين هذه المدن والواحات.
فهل هذا هو الواقع والحادث فعلا. ليس أمامنا إلا التصديق والتسليم بهذا. (مع أنه منافٍ للحقيقة تماماً) .أليس كل البلاغات العسكرية البريطانية تؤكد هذا. وأن كل الصحف المصرية حينها نقلت هذا ونعتت المقاومين بالأعداء شأنها شأن الإنجليز. وأن السلطة المصرية وقتها وهي السلطان حسين كامل وحكومة مصر بقيادة حسين رشدي باشا سلّموا بهذا وردّدوه وروّجوه وباركوه. بل وان مؤرخين كبارا مثل عبد الرحمن الرافعي في كتابه تاريخ مصر منذ عام 1914م حتى عام 1923م يقول نفس الكلام. إذاً لماذا لا نصدق؟
الواقع يقول أنها إما ان تكون هي الحقيقة بعينها بلا رتوش وإما إننا كنا مغيبون ونتعرض لمؤامرة أو لحملة تضليل ممنهجة بين سلطتنا الحاكمة حينها وصحافتنا ومؤرخينا وبين الإنجليز الذين كانوا يتحكمون في كل صغيرة وكبيرة في أوطاننا.
إن ثورة مطروح كان يقودها محمد صالح حرب وهو مصري وليس سنوسي ولا ليبي ولا تركي ولا ألماني ولم يرى أيٌّ من هذه البلاد بعينه إلا بعد الثورة في مطروح بل ومعه ثلة من الجنود النظاميين في الجيش المصري إضافة إلى أبناء القبائل المصرية وقياداتها. وقد يقول قائل ان هذه القبائل تنتمي للسنوسي وهم جزء منه فهم وقبائل ليبيا أقارب.(وهذا كلام حق يراد به باطل) وأما صالح حرب فهو مجرد خائن للوطن ومرتزق وجاسوس. ولكن كيف هذا ان الرجل عاد بعدها وصار عضوا في مجلس النواب بالانتخاب لعدة دورات والمصيبة الأكبر انه تم اختياره وزيرا للحربية المصرية في حكومة علي ماهر عام 1939م فهل تم اختياره وهم يعلمون انه خائن وجاسوس و و و و ثم ان من بين من شارك في هذه الثورة شخص أسمه عبد الرحمن باشا عزام وقد عاد بعدها وانتخبه المصريون نائبا في مجلس النواب لأكثر من دورة ثم هو صاحب فكرة إنشاء جامعة الدول العربية واختير كأول أمين عام لها واستمر لعدة سنوات. ثم ان الضباط من رفاق محمد صالح حرب عادوا إلى القوات المسلحة حتى الوفاة أو سن المعاش ومنهم من وصل إلى رتبة اللواء مثل الأميرالاي محمود علي عبد الواحد ومنهم من عين محافظا مثل علي بك عبد الوهاب محافظ مطروح وعلي بك شاهين محافظ سيناء.
وأضف إليهم إن كبار قادة المجاهدين من أبناء القبائل مثل حسين العاصي وفرج زهيويق وسعيد الحفيان وعبد الرحمن طرام ومحمد الدربالي والصافي عثمان وحميدة جبريل ومطرود بساط وشوشان بدر وغيرهم تم تعيينهم رسميا عمد ومشايخ لقبائلهم من قبل وزارة الداخلية المصرية ومازالت عموديا تهم يتوارثها الأبناء والأحفاد حتى يوم الناس هذا.!
وإن المجاهد هارون بدر والذي أسره الانجليز في معركة عقاقير أبو حريرة ثم افرج عنه فيما بعد، ثم تم انتخابه عضوا بمجلس النواب المصري وخلفه أولاد أخيه بعد ذلك كممثلين للشعب المصري
إن هذا لهو دليل عملي واعتراف شعبي ورسمي أنهم قادة مصريون كرام ومواطنون صالحون بذلوا الغالي والنفيس في سبيل خدمة هذا الوطن، وقاوموا الاحتلال البريطاني ببسالة شديدة وفي أحلك الأوقات
وحتى لا تندهش كثيرا عزيزي القارئ تجول معي في جنبات هذا الكتاب واطّلع علي ما كان خافياً وستعرف الحقيقة الكاملة. عن الثورة المصرية المنسيّة والمغيبّة في الدهاليز ظلما وعدوانا وبلا مبرر إلا أن الإنجليز أرادوا ذلك حينها وما على البقية إلا السمع والطاعة.
وستتضح لك الأمور جلية بعد ان تتطلع علي الحقائق الآتية:
أولا: إن كل المراجع الأجنبية والعربية تؤكد أن دخول السيد أحمد الشريف وجيش السنوسي جاء بعد ان ثار أبناء مطروح فعلا وحدثت بينهم وبين الإنجليز مصادمات قوية قتل فيها الكولونيل سيسل سنو بك ومجموعة كبيرة من الضباط الإنجليز.
ثانيا: إن من أقنع أحمد الشريف فعلا بالمشاركة هو دخول المصريين عموما وأبناء مطروح خصوصا في المقاومة الفعلية وبذلك اقتنع بالمشاركة عمليا وأن من أقنعه نظريا قبل ذلك هو صالح حرب نفسه بعد أن انضم إليه عمليا بجنوده المصريين الأبطال.
ثالثا: كل المراجع الأجنبية والعربية تؤكد أن جيش السنوسي المتحرك معه لا يزيد قوامه عن 4000 أربعة آلاف مجاهد. ولكن لو نظرت لتقديرات المعارك الفعلية ستجد ان معارك الواحات خاضها 4000 أربعة آلاف مجاهد وان معركة العقاقير وهي بالتوازي ولم يحضرها لا صالح حرب ولا أحمد الشريف السنوسي كان عدد المجاهدين فيها 6000 ستة آلاف مجاهد وبذلك يتخطى الرقم الكلي 10000 عشرة آلاف مجاهد وهذا ما تؤكده المراجع الأجنبية نفسها. بل إن عبد الرحمن عزام في مذكراته يصل بالرقم في تقديراته إلى 13000 ثلاثة عشر ألفا من المجاهدين. فمن أين جاء هذا الفارق الكبير بين عدد جيش السنوسي وهو 4000 وبين 13000 مجاهد إن الفرق يبلغ 9000 تسعة آلاف وهم ضعفي جيش السنوسي نفسه. ببساطة إنهم المصريون أبناء مطروح الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الدين والوطن وطرد المحتل البريطاني الغاصب الجاثم على صدور أوطانهم ومقدراتهم. ثم إن الانجليز كما تأكد لنا يطلقون على كل أبناء القبائل في الصحراء الغربية مصطلح قبائل السنوسي
رابعا: إن عدد القتلى الإنجليز وبالأرقام الصادرة عنهم هم. لم يسقط منهم مثله لا في ثورة عرابي ولا في ثورة الشعب المصري ضدهم عام 1919م والتي اشتهرت باسم ثورة 19 أو ثورة سعد زغلول
خامسا: إن الإنجليز قد تعمدوا إخفاء أمر هذه الثورة عن العالم حتى يثبتوا أن الشعب المصري محب للإنجليز وأن الأمور مستتبة لهم وعلى ما يرام في مصر. وأخفتها عن بقية المصريين حتى لا يثوروا مع بقية شعبهم فتقع الكارثة على رؤوس الإنجليز. وأن السلطات المصرية وعلى رأسها السلطان حسين كامل سلطان مصر ورئيس وزراء مصر حسين رشدي باشا وحكومته كانت تعلم بهذا التضليل وتوافق عليه. دون أي تردد.
سادسا: إن كل المؤرخين والكتاب فيما بعد وحتى يومنا هذا قد التبس عليهم الأمر فظنوا فعلا أنه غزو من جيش السنوسي هذا وكان يريد احتلال مصر. وتصدى له الإنجليز وحموا مصر من براثنه؟!
واعتقدوا كما هو واضح مما كتب أنه جيش غازي جاء عابراً للحدود كما روج الإنجليز.
وأنا شخصياً كنت في حيرة شديدة بين ما أسمعه من أهلي أبناء وأحفاد المجاهدين ومن سيل الروايات المتواتر عن جهاد الأجداد ومقاومتهم وبين الروايات الرسمية التي رسخت في أذهان المصريين. حتى أتيح لي أن اطلع على عشرات المراجع والكتب والمذكرات الأجنبية والعربية (انظر صفحة المراجع) وفهمت بالبحث والجهد المضني من هم المجاهدون فعلياً في مطروح وكيف اجتمعوا ومن هو جيش المحافظية والزوايا السنوسية في مصر وأماكنها ودورها الهام في جمع الرجال والمال والسلاح ومن هنا يأتي دور السنوسي الفعلي أنه الاسم والإشراف والارتباط الديني والروحي والجهادي ويكفيه زواياه التي أقامها في مصر وهي من قامت بالدور الهام في حركة المقاومة في مصر ضد الانجليز بل وفي ليبيا نفسها ضد الطليان . فلم يكن السنوسي بحاجة إلى جلب جنود من خارج الحدود بل إن ما فيها يكفيه.
بل المؤكد وهو ربما مصدر لبس للكثير من المؤرخين إن الانجليز كانوا يطلقون على كل قبائل العربان المصريين من غرب الإسكندرية والبحيرة حتى حدود مصر الغربية لقب . قبائل السنوسي وجيش قبائل السنوسي لوجود زوايا سنوسية في مصر تقدم المال والسلاح والرجال وكل أنواع الدعم لجهاد السنوسية والشعب الليبي عموما ضد الاستعمار الإيطالي
وانظر إلى الخرائط الإنجليزية التي تحدد مواقع قبائل السنوسي وستجدها تشير بوضوح إن كل من هم غرب الإسكندرية حتى الحدود المصرية وجنوبا حتى واحة سيوه والواحات المتاخمة هم من قبائل السنوسي
فكل من جاء من هذه الزوايا المنتشرة في مصر من زاوية الإجداب عند قبيلة القطعان في مدينة السلوم الحدودية غربا وحتى زاوية حمّور عند قبيلة الشوالحة في محافظة البحيرة وما بينهما أكثر من ثلاثين زاوية هو سنوسي في نظر الانجليز وغيرهم
ولدينا مئات الروايات الشفاهية المتواترة نقلا عن الأجداد والتي تشير بشكل قاطع إلى إن البريطانيين كانوا يتعاملون مع أبناء القبائل في غرب الإسكندرية والبحيرة والصحراء الغربية وواحة سيوه وغيرها من الواحات وتطلق عليهم جميعا لقب أو مصطلح (قبائل السنوسي)
ثم وهي للمعلومة العامة فان جهاد الشعب الليبي ضد ايطاليا يسميه الايطاليون جيش السنوسي وإذا كانت المقاومة للمستعمر الفرنسي في مناطق السودان الفرنسي وتشاد من أبناء تلك المناطق فان المصطلح الفرنسي الجاهز (جيش السنوسي) وإذا كانت المقاومة في غرب مصر ضد الاحتلال البريطاني فهو نفس المصطلح جيش السنوسي ويعلم كل هؤلاء جيدا أن الأسرة السنوسية الجزائرية الأصل بأكملها كانت قليلة العدد وهم فقط مجموعة أفراد مثل كل الأسر ولم يكن لها هذا العدد الذي يجعل منها جيوش منتشرة في مناطق افريقية كثيرة ولكنهم أبناء القبائل في تلك المناطق وكان للحركة السنوسية الإشراف الديني والروحي والسياسي بعد أن سخرت نفسها في خدمة الإسلام حتى حازت ثقة الناس في هذه المناطق فجزاهم الله عنا خير الجزاء
سابعا: إن المراجع الإنجليزية خير دليل علي قوة المعارك وشدتها. وبسالة وجسارة المجاهدين وتفانيهم وتضحياتهم وما أوردناها هنا إلا ليكون شهد شاهد من أهلها. والحق ما شهدت به الأعداء كما يقال.
بل وإن الروايات الشفاهية صارت لها أهمية كبرى بعد أن عضدتها المراجع الموثقة ولكننا للأسف لم نحصل منها إلا على القليل لغياب المشاركين في المعارك رحمهم الله جميعا.
أرجوا فقط التركيز في الأرقام من حيث أعداد المتقاتلين من الفريقين وأعداد القتلى والجرحى والأسرى. وأيضا أماكن المعارك التي تقع كلها علي أرض مصر. وأكثرها شدة وقسوة ومواجهة تلك التي وقعت علي أرض محافظة مطروح
ولقد درج أبناء مطروح علي تسمية المقاومة ضد الانجليز عام 1915م بمعركة وادي ماجد. وهذا اختصار ثبت أنه غير صحيح بالمرة.بل هو مسمى مجازي فقط فما معركتي وادي ماجد إلا جزء قليل من مجموعة معارك ضارية، وهي ثورة مصرية مسلحة ضد الاحتلال الانجليزي بكل المقاييس.
جيش المحافظية:
كلمة محافظيه هي مصطلح تم إطلاقه من خلال الزوايا السنوسية من ضمن مجموعة مصطلحات، وهو حسب التدرجات في مرتادي الزوايا طلبا للعلم وحفظ القرآن، وتبدأ بالمعلمين ويطلق عليهم لقب الإخوان مهما علت مراتبهم وأيضا مسمى طالب وهو تطلق على الجميع ممن لم يتم حفظ القرآن . فإذا أتم حفظ القرآن صار حافظا وجمعهم حفظة ومحفظيه ومحافظيه وهو في الأصل لقب تركي المستحفظين وهم الشرطة المحلية المكلفة بحفظ النظام والامن . واشتهر هذا المسمى أيضا كلقب عسكري لان اغلب المنخرطين في الجهاد من هذه الفئة. فأطلق عليهم جيش المحافظية,وهم عموما مجموعة من المتطوعين من كل زاوية من زوايا السنوسي على طول مطروح وعرضها وصولا إلي الإسكندرية مثل زاوية عبد القادر والبحيرة مثل زاوية حمور وزارية أبو شوشه وزاوية حوش عيسى وزاوية غزال في دمنهور وغيرها وفي الجيزة مثل زاوية أبو رواش وكرداسة وغيرها, وانخرط فيها كل أو أغلب القادرين على الجهاد من أبناء هذه المحافظات من أبناء القبائل العربية, ومهمته الأساسية الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الايطالي في ليبيا ثم ضد الاحتلال الانجليزي في مصر, ويتم إعداده وتجهيزه وتدريبه في هذه الزوايا ويحصل على مؤنته وعتاده منها، والزوايا تجمع الطعام والأموال والسلاح من تبرعات أهل الخير، ومن أموال الزكاة والعشور والصدقات بل وحتى نوع من المكوس والضرائب الإجبارية, وعلى كل المواطنين في هذه المناطق المساهمة بأولادهم كمجاهدين وبأموالهم والفقراء منهم يشاركون بالجهاد بأنفسهم
مثلا من لديه ثلاثة أبناء يرسل اثنان منهم للجهاد ويبقي ابن وحيد يعول الأسرة ومن لديه عدد اكبر من الأبناء يرسل ثلاثة منهم .وكانت هذه الطريقة هي التي وفرت ما يقارب من 6000 ستة آلاف مقاتل أو عشرة آلاف وربما ثلاثة عشر ألفا في تقديرات مختلفة لها حجيتها وقد شاركوا فعليا في معارك مطروح ضد الإنجليز وربما يساوي هذا العدد نصف سكان مطروح حينها أو يزيد حيث منطقة الصحراء الغربية عام 1915م كانت أماكن صحراوية غير مأهولة ومعظم قبائل أولاد علي يقيمون في الإسكندرية والبحيرة معقلهم الرئيسي.
وكانت هذه الزوايا تقام ويحدث هذا التجنيد وجمع الأموال بعلم الدولة وتحت بصرها بل وتساهم فيها أحيانا مثل تنازلها عن جزء من ضرائب سيوه لصالح الزاويتين الموجودتين بها.
والى اللقاء مع تفاصيل المعارك في الجزء الثاني
في كلمة مسجلة أمام منتدى الغرفة التجارية الأمريكية:
في كلمة مسجلة أمام منتدى الغرفة التجارية الأمريكية:مدبولي: نلتزم بالعمل بشكل شامل مع جميع …