قصه قصيره
لاماء في الصحراء
قصة قصيرة
حسين نصيب المالكي
ما أن وصلنا خبر فقدان ثلاثة من صيادي الصقور في الصحراء ، منذ عدة أيام . حتى أسرعت انا جميل القاسمي ومعي اخي من برج العرب إلي سيارتنا ، زودناها بالوقود والمياه والتموين، لحقت بنا عشرات سيارات الدفع الرباعي للبحث عن المفقودين ، كنا قد سبقناهم بساعات توغلنا في الصحراء التي تغدر احيانا بمن لايخبرها جيدا فهي بحر من الرمال والسراب
وبينما كنت اقود سيارتي البساط بسرعة، سألت اخي الذي كان الي جواري قائلا له :- من معه الصقار رمضان بوامطير في هذه الرحلة؟
اجابني قائلا :- معه ابنه شاهين ومساعد شقيقه .
اجبته :- ندعو الله أن نلقاهم مازالوا على قيد الحياة ، خاصة ان سيارتهم بالهون ولهم عدة ايام مفقودين .
رفع يديه الي أعلى قائلا :-ان شاء الله يارب .
عشرات السيارات كانت خلفنا ، تبحث عنهم في جميع الاتجاهات ، مضى اليوم الأول ، والثاني والثالث وعند شركة نفطية التقينا هناك راعي إبل ، كان يقود سيارته توقفنا بالقرب منه ، القينا عليه التحية ، سألناه عن المفقودين قال : منذ عدة أيام توقفت سيارتي، لنفاد البنزين ، والجو كان غباره كثيفا أشعلت نارا بالقرب منها ، واخذت انتظر فرج الله ، وفجأة لمحت سيارة مازدا بيضاء ، تقترب مني وتتوقف علي فيها اب وطفله و شاب أخر ، ومعهم طيور حمام وكمان وصقر ، اعطوني بنزين لسيارتي ، حتى اوصلتني خيمتي ، عند هذه الشركة ، وهم واصلوا رحلتهم في الصحراء .
في ضحى اليوم الخامس ، لمحنا سيارة عن بعد، اسرعنا اليها، توقفنا وترجلنا ، مشينا على الاقدام اقتربنا منها كانت السيارة واقفة هي مازدا بيضاء اللون ، ليس فيها أحد، في صندوقها الخلفي جالونات مياه كبيرة لونها سماوي فارغة ملقاة، وكذلك بالقرب منها ريش طيور شحيم وسمان وأثر نيران على الرمل وبقايا فحم ، احدى عجلات السيارة كانت قد غاصت في الرمال .
،وبالقرب من السيارة كان ثمة قبر صغير، عليه حطب ولثامة ، ومكتوب بجواره على الرمل، شاهين رمضان مطير مواليد 2014م ، و كلمة ( امخلصين ميه ) ، وبعد بضعة امتار قبر المفقود الثاني مساعد مطير مواليد 2005 م ومتغطي بثوب اخذت السيارات تصلنا تباعا ، ترجل الرجال في ذهول ودهشة نبشوا القبر ، وحملو الجثمانين ،وبعد سبعة كيلوات ، عثرنا على الصياد المرحوم رمضان فرج بو مطير مواليد 1987م. هو الآخر كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة ، بملابسه لم يجد من يدفنه ، يالها من نهاية مأساوية. ولكن الصقر الذي كان معهم قد طار قبل وفاتهم مما اوقعهم في حيرة والبحث عنه بينماكان قد هرب منهم مودعا الصحراء ووصل الساحل واقترب من الضبعة لكنه وقع بعد ساعات بين يدي صياد اخر فرح به في البداية لكن فرحته لم تتم حتى تفحصه وعثر في رجله على دبلة منقوش عليها اسم الصقار رمضان فرج امطير ورقم هاتفه فاتصل الصياد بشقيق رمضان وابلغه مسكه للصقر فسرعان ماوصله واستلمه منه شاكرا له هذا الوفاء وهذه المرؤة والنخوة والأمانة وعندما احس الصقر ان صاحبه الصقار رمضان امطير قد مات ارتفعت حرارته واسبل اجفانه وودع هو الآخر الحياة في الطريق بين يدي شقيق رمضان امطير الذي احس بالحزن والأسى فالصقور المدربة لاترحل عن الحياة الا عندما تشعر ان اصحابها قد رحلوا.. .
.